بعد إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بدأ يدعو إلى الإسلام مَن وثق به من قومه ممن يجلس إليه، فأسلم على يديه: الزبير بن العوام، و عثمان بن عفان، و طلحة بن عبيد الله، و سعد بن أبي وقاص، و عبد الرحمن بن عوف، فانطلقوا إلى النبي محمد صلى الله عليه و سلم ومعهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فعرض عليهم الإسلام و قرأ عليهم القرآن و أنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، ثم جاء بعثمان بن مظعون، و أبي عبيدة عامر بن الجراح، و أبي سلمة بن عبد الأسد، و الأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا رضوان الله عليهم جميعاً | في سنة ٩هـ، أرسل النبي محمد صلى الله عليه و سلم أبا بكر رضي الله عنه أميراً على الحج، فخرج أبو بكرالصديق أميراً بركب الحجيج، كما شهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه و أرضاه حجة الوداع سنة ١٠هـ |
---|---|
لما رأت قريش أن النبي محمداً صلى الله عليه و سلم قد صار له أصحاب من غيرهم بغير بلدهم، و رأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا داراً و أصابوا منهم مَنعة، فحذِروا خروج الرسول محمد صلى الله عليه و سلم إليهم، فاجتمعوا في دار الندوة يتشاورون فيما يصنعون في أمره، فاتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة فتى شاباً ليعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، فيتفرَّق دمُه في القبائل جميعها، و لكن النبي محمداً صلى الله عليه و سلم علم بأمرهم و تمكن من الخروج من بيته سالماً | أصبحت الأحكام القضائية في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه موئلاً للباحثين، و محطاً لأنظار الفقهاء، و صارت الأحكام القضائية لتلك الفترة مصدراً للأحكام الشرعية و الاجتهادات القضائية و الآراء الفقهية في مختلف العصور، و ساهمت فترة خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أيما إسهام في ظهور مصادر جديدةٍ للقضاء، فقد صارت مصادرُ الأحكام القضائية هي: القرآن الكريم، و السنة النبوية الشريفة، و الإجماع، و القياس، و السوابق القضائية أو التقليد، و الرأي الاجتهادي مع الشورى؛ فكل هذه يُسَجّل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه كانجازات خاصةً في مجال القضاء و تطوره و النقلة النوعية التي أحدثها فيها |
تزوج من حبيبة بنت زيد بن خارجة فولدت له أم كلثوم، ثم تزوج من أسماء بنت عميس فولدت له محمدًا.
13أجمع العلماء على أن الصاحب المقصود هنا هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه | عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكرٍ بلقب الصّدِّيق، وهو لقبٌ لقَّبه إياه النبي مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه |
---|---|
وقد ذكره الله -عز وجل- في كتابه الكريم، فقال تعالى: إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا ، وكانت معيّة الله -سبحانه- تحفّه هو ورسوله في حادثة الهجرة، وكان من أتقى الناس وأعلمهم بالكتاب والسنة، وتميَّز أهل بيته بإسلامهم وخدمتهم للإسلام، وكان -رضي الله عنه- أول من يوافق النبي بالشورى، ووحده من كان يفتي بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثنى عليه النبي لتقديمه أمواله كلّها للدعوة، كما أنه قُدّم إماماً للصلاة في حضرة النبي، وفي السنة التاسعة للهجرة كان أميرًا للناس في ، ووصّى النبي بعدم إغلاق باب الصديق -رضي الله عنه- الذي في المسجد النبوي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ بَابٌ إلَّا سُدَّ، إلَّا بَابُ أبِي بَكْرٍ ، ولقد وصّى الرسول -عليه السلام- الناس إذا استشكل عليهم أمراً أن يستعينوا بالصديق -رضي الله عنه- من بعده، وكانوا يأتونه بالمواقف الصعبة، وفي المرض الذي توفي فيه النبي -عليه السلام- استدعاه ليكتب له كتاباً يتضمّن خلافته له بعد موته، وكان رضي الله عنه أشجع الناس وأصبرهم في حادثة وفاة النبي، فوقف وخطب بالناس وصبَّرهم رغم شدّة حزنه | فعندما علم سيده أمية بن خلف بأنه أسلم، راح يهدده تارة ويغريه تارة أخرى، فأبى بلال أن يترك الإسلام، فحنق عليه أمية بن خلف وقرر أن يعذبه عذاباً شديداً، فأخرجه إلى شمس الظهيرة في الصحراء بعد أن منع عنه الطعام والشراب يوماً وليلة، ثم ألقاه على ظهره فوق الرمال المحرقة الملتهبة، ثم أمر غلمانه فحملوا صخرة عظيمة وضعوها فوق صدر بلال وهو مقيد اليدين، ثم قال له: «لا تزال هكذا حتى تموتَ أو تكفرَ بمحمد وتعبدَ اللات والعزى»، وأجاب بلال: «أحدٌ أحدٌ»، وبقي أمية بن خلف مدة وهو يعذب بلالاً بتلك الطريقة البشعة، عندما علم أبو بكر بذلك قصد موقع التعذيب، وفاوض أمية بن خلف وقال له: «ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى؟» قال: «أنت أفسدته فأنقذه مما ترى»، فقال أبو بكر: «أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك، أعطيكه به»، قال: «قد قبلت»، فقال: «هو لك»، فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك وأخذه فأعتقه، وفي رواية أخرى: اشتراه بسبع أواق أو بأربعين أوقية ذهباً |