فإني قريب. فإني قـريب

ومن آثار معرفة اسم القريب : الأمن والثقة : فالمؤمن يعيش بقرب الله في أنس وثقة ويقين ، وملاذ أمين ، وحصن حصين مكين ؛ لأنه في معية الله ، ومصاحبته فهو سبحانه القريب منهم في كل أحوالهم وهو الصاحب في أسفارهم حال غربتهم ووحشتهم فالله صاحبهم القريب منهم أنت الصاحب في السفر رواه مسلم 1342 ، وهو سبحانه في ذات الوقت خليفته على أهله والخليفة في الأهل ، وقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام عند السحر في السفر ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذاًَ بالله من النار رواه مسلم 2718 ويضطرب أبو بكر الصاحب إذ هما في الغار وهو يسمع خفق نعال المطاردين ويملكه خوف شديد على صاحبه فيقول لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الواثق بمعية الله لا تحزن إن الله معنا
وهذا القرب لا ينافي كمال مباينة الرب لخلقه، واستواءه على عرشه بل يجامعه ويلازمه، فإنه ليس كقرب الأجسام بعضها من بعض تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، ولكنه نوع آخر، والعبد في الشاهد يجد روحه قريبة جدًا من محبوب بينه وبينه مفاوز تتقطع فيها أعناق المطي، ويجده أقرب إليه من جليسه كما قيل: "ألا رب من يدنو ويزعم أنه يحبك والنائي أحبُ وأقربُ" الحمد لله رب العالمين ، القريب من التائبين ، الناصر للمستضعفين

فإني قـريب

.

15
[142] قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ..} الآية:186
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
فإني قريب
أما الله -تبارك وتعالى- فيكفي أن تتوجه إليه بالاستغفار والتوبة، أو السؤال والدعاء، ولا تحتاج إلى عمل كثير، حتى تحصل على وقت لتُناجيه فيه، وإنما تستطيع أن تُناجيه في أي وقت، وفي أي مكان في المسجد، أو في بيتك، أو في مكان عملك، أو في الصحراء والخلاء، أو بين الناس
فإني قريب
اللهم إنا نسألك إيماناً يباهي قلوبنا ، ويقيناً صادقاً حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا
انتهى الوقت، ونكمل -إن شاء الله تعالى- في الليلة الآتية أيها الأخ القارىء والأخت القارئة: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتهز الفرصة ليشعر أصحابه بالشعور بقرب الله ومعيته ليعشوه هذا المعنى واقعًا عمليًا في حياتهم « إن الذي تدعونه أقرب إلى عنق أحدكم من عنق راحلته»، « أقرب ما يكون العبد من ربه جوف الليل الآخر»، « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» فهل نشعر أنفسنا بهذا المعنى ونربي عليه من حولنا من متلق ومتعلم ومتأدب؟ وهل نحن نعيش هذا المعنى العظيم الذي يحمل في طياته معاني الأنس والطمأنينة و القوة والثبات، إنها معاني ومعالم تنهض بالهمة وتصل بالنفس والروح إلى بساط القرب! اللهم إنا نسألك إيمانًا يباهي قلوبنا، ويقينًا صادقًا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا
ويوحي الله إلى موسى بالسرى، ويتبعه فرعون وجنوده، ويقترب المشهد من نهاية وتصل المعركة ذروتها، ويقف موسى أمام البحر ليس معهم سفين، وماهم بمسلحين وقاربهم فرعون بجنوده شاكي السلاح يطلبونهم، ودلائل الحال تقول كلا: لا مفر! فالدعاء -كما هو معلوم- له أحوال يُستجاب بها كالصوم، وله أوقات كالأسحار، وبين الأذان والإقامة، وله أيضًا مواضع وأماكن حري أن يُستجاب للدعاء فيها، كما لا يخفى، فهنا دلت هذه الآية على أن رمضان له مزية، فالآيات تتحدث عن رمضان وعن الصيام، وكذلك الصوم ولو كان في غير رمضان ثلاث دعوات لا ترد دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر يعني: في أي وقت دعا في أول النهار، أو في وسطه، أو في آخره، لكن بالحديث: وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه ، هذه فرحة وليست دعوة

[142] قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ..} الآية:186

أما بعد : فمن أسماء الله — عز وجل — القريب.

30
فإني قـريب
أما بعد: فمن أسماء الله عز وجل: القريب
[142] قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ..} الآية:186
إن لحظات السجود والقرب من الله هي ساعات كرم الله وبركته وعطائه الذي لا حدود له، ولا قيود، تهتبل فيها الفرصة بالدعاء والطلب، وتنثر فيها كنانة بما فيه من أشواق ومطالب
فإني قـريب
اللهم إنك أنت تعلم سرنا وعلانيتنا فاقبل معذرتنا، وتعلم حاجتنا فأعطنا سؤلنا، وتعلم ما عندنا فاغفر لنا ذنوبنا فقال : فأعني على نفسك بكثرة السجود
ومن آثار معرفة هذا الاسم : قرب النصر والفرج : قال صلى الله عليه وسلم واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً رواه الترمذي 2516 وهو حديث صحيح وأبرح ما يكون الشوق يومًا إذا دنت الخيام من الخيام

فإني قريب

.

فإني قريب
وأهل السنة أولياء رسول الله ، وورثته ، وأحباؤه الذين هو عندهم أولى بهم من أنفسهم ، وأحب إليهم منها يجدون نفوسهم أقرب إليه وهم في الأقطار النائية عنه من جيران حجرته في المدينة ، والمحبون المشتاقون للكعبة والبيت الحرام يجدون قلوبهم وأرواحهم أقرب إليها من جيرانها ومن حولها هذا مع عدم تأتي القرب منها فكيف بمن يقرب من خلقه كيف يشاء وهو مستو على
فإني قريب
وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد
فإني قريب
وهذا القرب لا ينافي كمال مباينة الرب لخلقه ، واستواءه على عرشه بل يجامعه ويلازمه ، فإنه ليس كقرب الأجسام بعضها من بعض تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، ولكنه نوع آخر ، والعبد في الشاهد يجد روحه قريبة جداً من محبوب بينه وبينه مفاوز تتقطع فيها أعناق المطي ، ويجده أقرب إليه من جليسه كما قيل : ألا رب من يدنو ويزعم أنه يحبك والنائي أحبُ وأقربُ