كانت والدة مدبولي، أماً وأباً في الوقت نفسه، وحازمة في التعامل معه وأشقائه، وكرّست حياتها لتربيتهم بعد وفاة والدهم، وعلى الرغم من أنها كانت على قدر بسيط من التعليم، فإنها كانت مهتمة بتعليم أبنائها على مستوى عالٍ، وكانت حريصة على أن تحضر لأصغر أبنائها معلمين في البيت، وتسمِّع له الدروس رغم أنها لم تكن تفهم ما تقوم بتسميعه، ولكنها أرادت أن تطمئن على أنه يذاكر دروسه جيداً، وكانت تمسك له العصا أثناء التسميع، حتى يحرص على أن يذاكر جيداً | |
---|---|
لم أعد أسمع أنفاسك، ولكن بداخلي شعور بأنك تراني وتسمعني | وهذا المزيج بين الاحترافية والموهبة المتفردة، جعله يغامر بنجوميته كممثل كوميدي، ويقدِّم دوراً صادماً لجمهوره في فيلم «المرأة والساطور» 1996 ، إخراج سعيد مرزوق وبطولة نبيلة عبيد وأبوبكر عزت، وللمرة الأولى يتقمص مدبولي دور الشرير، ولكن بأداء هادئ من دون مبالغة، ويعطي درساً في التقمص لتلك النوعية من الأدوار، يضعه في مصاف نجومها الكبار أمثال زكي رستم ومحمود المليجي وصلاح منصور وعادل أدهم وغيرهم |
وأضافت: "نعم أفتقدك جدًا، فأنا ما زال عندي الكثير لم أخبرك به، ولا أعلم متى نلتقي يا أحن وأطيب قلب، وليس بيدي سوى الدعاء لك، أدعوا الله أن تكون في الجنة، وعلى وجهك ابتسامة مثل التي وضعتها على وجوه الملايين".
26الطفل اليتيم تداخلت أقنعة الدراما في حكاية عبدالمنعم مدبولي، وبدأت بصرخته الأولى في يوم 28 ديسمبر 1921 في حي باب الشعرية بالقاهرة، ليولد أصغر إخوته يتيماً، فقد توفي والده وهو يبلغ من العمر 6 أشهر، وكانت والدته شابة ولديها ثلاثة أطفال، وأكبر أبنائها يبلغ من العمر ست سنوات، وكان «آخر العنقود» طفلاً ضعيفاً يعاني حساسية الصدر، ويمرض كثيراً، فحظي باهتمام كبير من والدته ورعاية خاصة، وكانت تحيطه بحنانها كثيراً | انضم مدبولي بعد ذلك إلى فرقة التلفزيون المسرحية والتي كان يترأسها ، بعدها تولى فرقة المسرح الكوميدي وأخرج أكثر من أربعة عروض منها: "جلفدان هانم "، "أنا وهو وهي"، "دسوقي أفندي"، "مطرب العواصف"، "أصل وصورة"، "حلمك ياشيخ علام" |
---|---|
امتلك مدبولي حضوراً طاغياً كممثل كوميدي وتراجيدي، ومثلما أضحك جمهوره على الشاشة وخشبة المسرح، استطاع أن يؤثر في وجدانهم بأدواره التراجيدية، وأحياناً كان يمزج بين قناعي الدراما في عمل واحد، من دون الانزلاق إلى التقمص الميلودرامي والمبالغة في الأداء، وإزاء هذا السهل الممتنع، أصبح أحد عظماء فن التمثيل في العالم العربي | وفي ذلك الوقت كان عبدالمنعم طفلاً خجولاً، يميل إلى الانطواء، حتى ظهرت اهتماماته الفنية في سن مبكرة، منذ أن كان طالباً في المرحلة الابتدائية، وفجأة تفجرت مواهبه، وتحوَّل إلى نجم بين أقرانه، وكانوا يستعينون به في مسرح المدرسة، ليؤلف ويخرج ويمثِّل، وأصبح المسؤول عن الفريق الفني بالمدرسة، ومرت فترة مراهقته هادئة جداً بعيدة عن أية مشكلات |