العاشر في شعب الإيمان، وهي: سبع وسبعون شعبة | |
---|---|
ولا سبيل لانطلاق شعب الإيمان من قلب المسلم إلّا بتمام الإيمان في قلبه، وسطوع نوره خالصاً من الرياء، وأن يكون المسلم على علم ومعرفة بشعب الإيمان، وحتى يصل المسلم إلى هذه المرتبة الرفيعة في الإيمان لابد له من مجاهدة نفسه، والإكثار من الطاعات؛ كالحرص على تلاوة الأذكار، وقراءة القرآن، ومدارسة العلم، والتوجّه إلى الله -تعالى- بشتّى أنواع العمل الصالح، وقد حاول عدد كثير من الناس إصلاح فروع الإيمان وأجزاءه، وتركوا أصل الإيمان، وأمّا الصالحون العالمون بالله -تعالى- فإنهم يشتغلون بإصلاح أصل الإيمان وتزكيته، ولا ينسون معالجة فروع الإيمان | تعداد بعض شعب الإيمان بيَّن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ أفضل شعب الإيمان، وأعلاها قدراً هو توحيد الله -تعالى- الواجب على كل إنسان -كما ذكر في الحديث السابق-، والتوحيد هو القاعدة الأساسيّة لشعب الإيمان؛ فصلاح شيء من شعب الإيمان متوقّف على صلاح وتمامه، وأمّا أقلّ شعب الإيمان مرتبة؛ هي إماطة الأذى عن طريق المسلمين، ودفع ما يضرّهم، وينحصر بين أعلى مرتبة من شعب الإيمان وأدناها عدد من الشعب يستطيع المجتهد حصره وتحصيله بشدّة التتبع، ورجحان الظنّ |
إماطة الأذى عن الطريق إماطة الأشياء المؤذية عن المسلمين، وإبعادها عن طرقهم هي إحدى الأمور التي ندبت إليها الشريعة الإسلامية، وحثّت المسلمين عليها، وقد عدَّها النبي -صلى الله عليه وسلم- من جملة شعب الإيمان، وقد بيَّن أنّ إبعاد الأذى عن طريق المسلمين سبب لدخول ، ونهى -عليه الصلاة والسلام- عن إيذاء المسلم لغيره من المسلمين، وأمر المسلم بإزالة الأذى عن أخيه المسلم؛ لأنّ كل منهما مرآة للآخر، وإزالة الأذى من الأعمال الصالحة التي تقرّب المسلم إلى الله -تعالى-، وهي سبب لنيل مغفرته سبحانه؛ فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له ، ويدخل في إماطة الأذى رفع حجر عن طريق المسلمين، أو معاونة أهل المنطقة في تنظيف المكان، أو إغلاق الحفر التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالناس أو بمركباتهم، وأقل شيء من ذلك أن يحرص المسلم على عدم إلقاء شيء في طريق الناس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن كتاب شعب الإيمان، أو الجامع لشعب الإيمان ـ كما سماه مؤلفه: الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي المولود سنة: 384 المتوفى سنة 458 هجرية ـ سفر جليل في بيان شعب الإيمان التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان | |
---|---|
حل اسئلةكتاب التوحيد سادس ف1 | كيفية معرفة شعب الإيمان أظهر الإمام ابن حبان -رحمه الله تعالى- عناية وحرصاً شديدين بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شعب الإيمان، وأنّ عددها بضع وسبعون شعبة، وقال: إنّ البضع يطلق على الأعداد من ثلاثة إلى تسعة، وبناءً على ذلك يمكن أن يبلغ عدد شعب الإيمان تسع وسبعين شعبة، وعدد الطاعات التي ذكرها الله -تعالى -في وبيَّن أنّها من الإيمان لا تبلغ بضعاً وسبعين، وكذلك عدد الطاعات التي جعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان لا تبلغ ذلك، ولكن بجمع الطاعات الواردة في القرآن الكريم مع الطاعات الواردة في السنّة النبويّة، وترك المكرّر منها يصل العدد إلى تسع وسبعين شعبة |
وقد وافق الإمام ابن حبان في هذا الرأي ما قرر الإمام البيهقي في كتابه شعب الإيمان، حيث عدّد شعب الإيمان في كتابه، وأوصلها إلى تسع وسبعين شعبة، ويقول الإمام ابن حبان -رحمه الله تعالى-: فعرفت أنّ مقصود النبي- -صلى الله عليه وسلم- في حديث شعب الإيمان، هو أنّ الإيمان يتكون من بضع وسبعين شعبة مما ورد في الكتاب العزيز ، وقد بيَّن الإمام ابن حبان هذه المسألة في كتاب وصف الإيمان وشعبه، ولا يجب على المسلم معرفة هذه الشعب بعينها، ولا ينقص جهلها من الإيمان؛ فللإيمان أصول وفروع معروفة محقّقة، ولكن يجب الإيمان بعددها جملة كما ورد في الحديث، وأمّا تفصيل أصول الإيمان وتعيينها بعدد معيّن يحتاج إلى توقيف.