وهذه التعاريف متقاربة وتفيد أن الغلو هو تجاوز الحد الشرعي بالزيادة | أما بعد، فقد صار الحديث عن الغلو والتطرف والإرهاب هو شغل الناس الشاغل، حتى أن النفس صارت تمجه لكثرة ترديده سواء في الإعلام بأنواعه: المرئي والمسموع والمقروء، أم في أحاديث الناس ومجالسهم، فلا تكاد تقع عينك أو تسمع أذنك وأنت تقلب وسائل الاتصال إلا على مشاهد مروعة لضحايا هذا الانحراف الخطير والتشوه الكبير في الفطرة الإنسانية، والذي لا يفرق بين صغير وكبير وغني وفقير ومسلم وغير مسلم، فليس للإنسانية والرحمة أي اعتبار عند أصحابه فهم يتقربون -بزعمهم- إلى الله بإراقة الدماء وقتل الأبرياء والإفساد في الأرض والله لا يحب الفساد، قال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ |
---|---|
ما معنى الغلو في اللغة والاصطلاح، إن الدين الاسلامي الحنيف الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى بالايمان به هو الدين القيم القويم الذي لا اعوجاج فيه، كما علمنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله للبشرية جمعاء ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويخرجهم من طريق الضلالات والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان إلى طريق الهداية والهدى والنور والسراج المنير، فهو طريق خالص نقي لله سبحانه وتعالى، في هذا المقال متابعينا الكرام نقدم لكم حل من حلول الكتاب الوزاري من المنهاج السعودي وهو ما معنى الغلو في اللغة والاصطلاح التي سنفسره في هذا الموضوع | قال: اجعلونا عبيدًا مربوبين، وقولوا فينا ما شئتم إلاّ النبوّة" |
إن موقف الدين الإسلامي الحنيف هو محاربة الإرهاب الذي اصطلح الشرع على تسميته بالإفساد بجميع مراحله واطواره وسائر صوره وأشكاله، ويتبين ذلك من خلال: 1- نهى الله عز وجل عن الإفساد، قال تعالى: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا.
2ويقول ابن تيمية والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد الشيء في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك قال الجصاص فى أحكام القرآن : هو مجاوزة حد الحق فيه وقال الإمام أبو شامة فى الباعث على إنكار البدع والمحدثات: فكل من فعل أمرا موهما أنه مشروع وليس كذلك فهو غال في دينه مبتدع فيه قائل على الله غير الحق بلسان مقاله أو لسان حاله | أيها الإخوة: من الجوانب التربوية التي يحرص الإسلام عليها أن يجعل المسلم يسير على طريق مستقيم، أن يمسكه الطريق، ويدله عليه بالآيات والدلائل والبينات، والأنوار التي تضيء للمسلم الطريق، ولكن من الناس من يسلك هذا الطريق فيكمله حتى النهاية، ومنهم من يسلك هذا الطريق فيتعثر به، ثم يعاود النهوض فيمشي، ثم يتعثر فيجلس ويقعد، ثم يقوم ويمشي ويتعثر، ثم يقوم ويمشي وهكذا، خطوات فيها تردد، مشي فيه تباطؤ، ومن الناس والعياذ بالله من يسلك الطريق من أوله ثم ينكص على عقبيه، فيرتد إلى طريق الضلالة والعياذ بالله |
---|---|
و قال صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون قالها ثلاثاً: رواه مسلم في صحيحة وأحمد في مسنده وأبو داود عن ابن مسعود مرفوعاً |
فناداني: إنا والله عباد مخلوقون، لي ربّ أعبده، إن لم أعبده عذبني بالنار.
13جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: غُلُولٌ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَاللَّامِ أَصْلُهُ الْخِيَانَةُ؛ لَكِنَّهُ شَاعَ فِي الْغُلُولِ فِي الْغَنِيمَةِ | مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم صلى الله عليه واله خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين: 1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة |
---|---|
قال الطبري - رحمه الله -: "لاتفرّطوا فى القول فيما تدينون به من أمر المسيح فتجاوزوا به الحق إلى الباطل، فتقولوا فيه: هو الله، أو هو ابنه، ولكن قولوا: هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه | وغلوّ النصارى في عيسى عليه السلام قول بعضهم: هو الله، وقول بعضهم هو ابن الله، وقول بعضهم هو ثالث ثلاثة |
هذا، وإن أردت الوقوف على تفسير واف لظاهرة الغلو من حيث أسبابها وآثارها وعلاجها، فإننا نحيلك على كتابين مهمين في هذا الموضوع، وكلاهما من تصنيف الدكتور عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الأول بعنوان: الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، طبع مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ في مجلد واحد.
5