غنى النفس يعني استغناؤها بما قُسم لها، وقناعتها ورضاها به بغير إلحاح في طلب ولا إلحاف في سؤال، ومن كفَّت نفسه عن المطامع قرت وعظمت، أما الغني بالمال الفقير القلب فإنه يلهث كما يلهث الوحش في جمع المال وهو يملك الملايين، ولكنه غير قانع بما رزقه الله فهو فقير، فقد اتخذ المال إلهًا من دون الله، فالفقير هو الذي يشعر بانعدام المال عنده والحاجة الدائمة إليه | وهذا الحريص على الدنيا لن ينال منها إلا ما قُدِّر له، فحرصه عليها ما زاد في رزقه، وزهد الأول فيها ما أنقص من رزقه، ولكن واحداً يكون محبوباً وهو الزاهد في الدنيا ورزقه هو هو، والآخر يكون مذموماً عند الله ورزقه هو هو |
---|---|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد تحدثنا في مقال سابق عمن كانت الآخرة همه، وفي هذا المقال نتحدث عمن كانت الدنيا همه انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له " | لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير |
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى.
30روى الإمام أحمد عن زيد بن ثابت أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان همه الأخرى جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت نيته الدنيا ف ق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له وقد رواه ابن ماجه والدرامي وابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان وإسناد هذا الحديث جيد حيث قال العراقي رحمه الله في تخريج الاحياء رواه ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت بإسناد جيد وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة | كما وصف الله الدنيا في آيات أخرى فبين حقيقتها وضرب لذلك المثل فقال الله تعالى : { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } العنكبوت:64 |
---|---|
لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير | قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": هَمَّهُ أَيْ قَصْدُهُ وَنِيَّتُهُ |